الجمعة، 29 أكتوبر 2010

واجب عزاء

إقامته الدائمة بالأسكندرية منعته من حضور عزاء والدي، فما كان منه إلا أن اتصل بعدها بأيام معربا عن أسفه وحزنه لمصابنا الأليم، ومعتذرا عن عدم تمكنه من الحضور، وأيضا عن عدم إجادته لكلمات العزاء والمواساة.

شكرت له شعوره الطيب وحرصه على الإتصال ومواساتي قدر المستطاع، ولم يكن يدري ولم أكن أعلم إني سوف أكون في زيارته بعدها بأسابيع أؤدي فيه واجب العزاء، وأدعو له بالرحمة.

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

بناء المتطوع هو الهدف



دائما السؤال إللي بيطرح نفسه لما بشوف أي عمل عملاق أو مؤسسة ضخمة بيكون عن النشأة الأولى، ياترى مين صاحب المشروع دة؟ أتبدى إزاي؟ وإزاي بقى حاجة ضخمة كدة؟ ودائما بتكون الإجابة هي قصة مبهره عن شخص ناجح.

لكن لما كنت بفكر بالنسبة لجمعية رسالة كانت الصورة مختلفة شوية، الصورة إللي كنت شايفها هي لواحد من أثرياء العرب، قرر استقطاع جزء بسيط من ملايينه أو ملياراته لتكون لعمل الخير، يمكن هي دي الصورة إللي دائما كانت في خيالي عن جمعية رسالة حتى وبعد ما ابتديت التطوع فيها.

كان اسم الدكتور شريف عبد العظيم بيتردد كتير في الجمعية، ولكني لم أتوقف كثيرا عنده، فأي اسم مصري وليس خليجي فهو بالنسبة لي مجرد مشرف أو أخصائي أو بالكتير أوي مدير أحد الفروع، فلم أتحمس كثيرا لحضور اجتماعاته والحفلات التي تتم بحضوره، خصوصا إن معظمها بيكون في أيام الأجازات، والمسافة بين البيت والفرع كبيرة نوعا ما.

ولكن تغير الوضع لما عرفت إن الدكتور/ شريف عبد العظيم هو نفسه مؤسس جمعية رسالة، وقتها ابتديت انتظر أي اجتماع أو مناسبة تجمعني بيه للتعرف أكتر على الدكتور شريف ومعرفة السر وراء نجاح الجمعية في مصر ووصولها لهذا المستوى من التميز في عمل الخير.

والحمد لله اني ماستنتش كتير وكنت على موعد مع مجموعة من المتطوعين على مستوى الفروع مع الدكتور شريف لحضور إجتماع في فرع المعادي، طبعا ماكدبتش خبر ورحت للإجتماع، وبعد ما أخذنا أماكنا دخل علينا الدكتور شريف، واستغربت لما لقيت صورة مغايرة تماما للي كان في خيالي، فهو ليس بالحاج الكبير، الكهل إللي بيعمل خير ينفعه في الآخرة، أبدا لقيت شاب في أواسط الأربعينات، وكان في أواسط الثلاثينات لما ابتديت فكرة الجمعية في النمو.

يمكن من أكتر الحاجات إللي بتزعجني في عالم الإنترنت، هو كتر التعرض للسلبيات بالتهكم والتندر والحزن والبكاء والنحيب على الماضي الذي كان، أو النقاش والجدال فيما لا يفيد، واستمرار مواضيع للنقاش أيام عديدة ينتهي بخناقة وقفل الموضوع سبب النقاش بدون الوصول لنقطة التقاء واحدة.

كان لازم الواحد ينزل للواقع ويشوف بنفسه أية إللي ممكن يتعمل وسط السلبيات دي، ودة يمكن كان الدافع الأساسي بالنسبة ليا للتطوع، صحيح السلبيات والمشاكل في كل مكان حتى في رسالة، لكن من ناحية تانية في بناء بيحصل، في علم بيوصل وخير بيتعمل في واقع ملموس بيتغير، وناس بتستفيد من الخير، كل دة دون الدخول في جدل عن مواضيع لا هتقدم ولا هتأخر رغم اختلاف الناس داخل الجمعية واختلاف ميولهم بل وديانتهم أحيانا في حالة المستفيدين، لكن دة ما بيخلقش أي نوع من أنواع الجدال والنقاش والخناق، في شعور عام بالترفع عن مثل هذه الأمور والتركيز في إصلاح ما فسد وعمل الخير وفقط.

الإجتماع كان بيتكلم عن المتطوع المتميز، والكلام على لسان الدكتور شريف إن وجود المتطوع إللي بيستغل وقت فراغه في شئ مفيد هو عمل جيد سوف يثاب عليه، ولكن إحنا بندور على المتطوع إللي مش بيقضى وقت فراغه وخلاص، بندور على متطوع حاطط رسالة من ضمن أولوياته، هي بالنسبة ليه تالت شئ بعد بيته وشغله، مؤمن برسالته، فاهم مسئولياته، مصر على النجاح،.... من الآخر المتطوع إللي بوجوده صعب قوي الدنيا تقع.

يمكن دة مفهوم جديد للتطوع بالنسبة ليا، فالمتطوع هو من يستغل وقت فراغه في عمل الخير، ولكن إللي دكتور شريف بيتكلم عنه هو استقطاع الوقت من أجل عمل الخير، والفرق كبير قوي بين المعنيين. وكان التشديد أكثر من مرة على قيمة ومكانة المتطوع في الجمعية، هدف جميعة رسالة هو المتطوع، إن الخير يوصل للناس عن طريق متطوع، بناء المتطوع هو الهدف من المشروع، وليس عمل الخير وفقط.

يمكن الإجتماع دة مأشبعش فضولي في معرفة المزيد عن تاريخ الجمعية والفكرة الأساسية والبذرة إللي قام عليها المشروع، ولكن حضور مثل هذا الإجتماع والخروج بمثل هذه المعاني كفيل بتصور الروح والرغبة في العطاء والحماس والإيمان إللي كان موجود وإللي ربنا زاد فيه الخير ونماه لغاية لما شفناه بالشكل المميزة دة.

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

عبقرية الوصف

اللقاءات الغير متوقعة وإللي بتكون بطلتها الصدفة بتمثل أحيانا عامل سعادة للإنسان وساعات كتير بتمثل نقطة محورية بالنسبة لية، وخصوصا لما تكون اللقاءات دي مع شخص تجمعك بيه نفس الإهتمامات والميول والهوايات وقد تصل لمستوى التطابق في أحيان كثيرة.

يمكن دي هي الصدفة السعيدة إللي جمعتني بشخص كنت أول مرة أشوفه، وعرفوني بيه كدكتور في الجامعة اسمه أحمد، والطريق للبيت كان هو المشوار إللي اتعرفنا فيه على بعض أكتر، وأدركت بعدها إني قابلت شخص من أغرب الشخصيات إللي قابلتها في حياتي.

في الأحوال العادية بكون حريص جدا في التعامل مع أشخاص بقابلهم لأول مرة، وبصراحة المشوار دة كان تقيل قوي على قلبي، الخطة اتخلبطت، كان المفروض أقضي زيارة سريعة وبعدين أكمل طريقي للمنزل، ولكن صادف إني قابلت الدكتور أحمد في هذه الزيارة وصادف أيضا إن طريقنا واحد، وإبتدينا المشوار وطبعا في الأحوال إللي زي دي الواحد بيكون مضطر لفتح حوارات وأحاديث كنوع من قتل الملل وإذابة لوح جليد بيكون موجود بين اتنين أول مرة يتقابلو وبيجمعهم مشوار واحد ومفيش أي مواضيع مشتركة، أو هكذا هيئ لي.

أول ما نزلنا الشارع الدكتور أحمد مأخدش وقت كتير علشان يبتدي معايا في الكلام، ومن المواضيع إللي في الغالب بتجد إهتمام مشترك بين الشباب هو الكلام عن الكورة، في بداية حديثه كان الكلام عن الدوري الإنجليزي، واتكلم وأسهب في الحديث عن المان والأرسنال والسير والكلام دة، بصراحة أنا مش متابع الدوري الإنجليزي ومعرفش عنه كتير، هو طبعا لاحظ كدة لما مالاقاش مني رد، فقام بادر بالسؤال المباشر:
أمال انت متابع دوري أية غير المصري؟ ولا مالكش في الكورة خالص؟
لأ إزاي متابع طبعا، بس بتابع دوري ألماني.

كنت فاكر إن إجابتي دي كفيلة بتغير دفة الحديث عن الدوري الأوربي إلى أي اتجاه آخر، حيث إن المتابعين للدوري الألماني هم قلة، ولكن اللي حصل غير كدة، زي ما يكون حنفية معلومات واتفتحت، أستغربت جدا غزارة المعلومات إللي عنده عن الدوري الألماني، والأغرب كمان هو نطقه المميز لأسامي الأندية واللعيبة، وعرفت بعد كدة إنه قضى بعد الوقت في المانيا كمنحة دراسية.

بصراحة ذهلت من كمية المعلومات إللي عنده، ومش معلومات وبس، المذهل كمان هو تشابه بل تطابق الإنطباعات والآراء والملحوظات إللي كنت بطلع بيها بعد كل ماتش، زي ما نكون كنا بنتفرج سوا على المبارايات، وهنا طبعا اتحولت، بقيت شخص تاني، الكلمة مني بيكملها هو بكلمتين من عنده، بل يزيد عني كثير من المعلومات بحكم قضاءه فترة في المانيا، فهو ملم بدرجة كبيرة بتنقلات اللاعبين وأصولهم وأخبارهم، وأثناء كلامنا لم نترك حدث حصل في السنوات الأخيرة في الدوري الألماني إلا وكان محور لحديثنا بصورة أو بأخرى، وبالطبع كان هناك الكثير ليقال عن البطولات إللي حازتها الأندية سواء عن استحقاق أو عن حظ، وعن الفرق الأخرى التي خسرت بطولات قبل أمتار كثيرة من نهايتها لسوء حظ، كل دة اتكلمنا فيه.

وقتها ماحستش أبدا بطول الطريق، ولا أنا فاكر أحنا ركبنا أية ولا فاضل إد أية على الوصول، وخلصنا الدوري الألماني دخلنا في المصري، وكان متابع بنفس الدرجة وعجبني بل أذهلني قدرته على تخزين أدق التفاصيل والقدرة على الوصف بأدق التفاصيل.

ولأنه مقارب لي في السن فكان من الطبيعي إنه يكون فاكر الفريق الذهبي لكرة اليد، لقيته فاكرهم وعارفهم وواحد واحد، من أشرف عواض، سامح عبد الوارث، أحمد العطار، جوهر نبيل، أحمد دعبس وبقيت الكوكبة الذهبية في كرة اليد.

للأسف الوقت مر كالبرق، رغم إن المشوار دة يعتبر يومي بالنسبة ليا، لكن المرة دي كانت أكتر مرة ماحستش أبدا بطول المسافة، لكن وصولنا لنقطة الوصول كانت هي النهاية لهذا الحديث الشيق، هو لازم ياخد المترو، وأنا هكمل على طول لرمسيس، بصراحة من كتر ما الحديث شيق، وكمان من باب استغلال الفرصة في تبادل المعلومات والحديث عن الكورة في فرصة قد لا تتكرر كثيرا نزلت معاه وحبيت أوصله لغاية المترو على أمل استغلال هذه الدقائق البسيطة في استكمال ما بدأناه من أحاديث، وفعلا كانت فرصة في زيادة المعلومات بالنسبة ليا والإستمتاع بأسلوبه الشيق.

دقائق قليلة والمترو جه، ولا أبالغ إذا قلت إني كنت عايز أوصله لغاية البيت كمان، بس المرة دي مش رغبة في تبادل المعلومات والحوار وبس، المرة دي علشان كان عندي شك إنه هيقدر يوصل منزله بسهوله، فهو يحتاج مساعدة في تنقلاته، الدكتور أحمد كفيف.

إذا كان كلامي يحمل إنبهار وإعجاب فهو دة مصدره، نعم الدكتور أحمد كفيف، لا يستطيع أن يعبر الشارع بمفرده، يحتاج للمساعدة في التنقل من مكان لآخر، بل من غرفة لأخرى في حالة وجوده في مكان غريب، ومع ذلك أبهرني بكم المعلومات المتوفرة لديه، أعجزتني قدرته على المتابعة وتوصيل المعلومة.

مش صعب على أي حد يشوفه يدرك إعاقته، حركات رأسه، طريقة كلامه، ملابسه الغير مهندمة، تأبطه في يدي، كل دي كانت علامات توضح الإعاقة بسهولة، في المشوار دة ركبنا مواصلتين، وفي المواصلتين مابطلناش كلام، وتلقائيا كان كلامي معاه، "شفت الماتش الفلاني؟ شفت اللعيب الفلاني عمل أية" كنت باستخدم كلمة "شفت" دي وكأني باتكلم مع واحد شاف الأحداث بعينه، وكل مرة بلاقي الناس تبص لي من تحت لتحت فيها نظرة غضب على حمقي وسذاجتي، هم طبعا معذورين ومش متخيلين إنه بيشوف أحسن منهم كمان.

المبهر في الموضوع وإللي خلاني متأثر جدا هو قدرته على الوصف، كل إللي فات كوم وقدرته على الوصف دي كوم تاني خالص، كان بيتكلم عن مباريات في الدوري الألماني وكان بيشرح هجمات وإجوان وكأنه شافها بام رأسه، طريقة كلامه وإنفعاله وحماسه بيقول إنه مش حافظ الكلام، لأ دة حاسس الكلام وبيحاول يوصله، إذا كان معنى كلمة "تحدي الإعاقة" لسة ماكنش واصل ليا وقتها، الوقتي قدرت أفهم يعني أية تحدي الإعاقة، يعني تتكلم وتتعامل مع شخص ماتحسش لحظة إنه معوق، عنده من التحدي والعزيمة والقوة للتعامل مع الإعاقة كإنها ليست موجودة.

وصفه كان دقيق جدا وأمتعني حماسه في الكلام عن الكورة، وبصراحة ماكنتش أتخيل إني في يوم من الأيام ممكن أشوف بعين إنسان كفيف، وبصراحة وقتها وبعد ما شفت قدامي إنسان بالقدرات دي، فعلا فعلا زعلت قوي من نفسي.

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

موكب الرسول

لم أصدق نفسي عندما سمعت الخبر، هل هذا صحيح، هل هناك موكب للرسول سوف يمر قريب من هنا، وهل سيكون لي شرف مشاهدة هذا الموكب؟ كيف ؟ وما شكل هذا الموكب؟؟

رغم الأسئلة الكثيرة التي تدور في ذهني عن شكل الموكب ونحن في القرن الواحد والعشرون، ولكن فرحتي الكبرى بوجود رسول الله بيننا هذه الأيام ونحن في أشد الحاجة إليه عليه الصلاة والسلام كانت أكبر من أي شئ، على العموم ليس هناك وقت للتساؤل وحان وقت العمل.

نحن نعيش في وقت عصيب، أشتد بالناس الفقر، وعلى صوت الظلم، و الناس الأبرياء يموتون من فقر ومرض، ولا أحد يعرف أين الطريق، أختلطت على الناس السبل، وتعددت الآراء والإتجاهات، ضل الناس سعيهم و ونسوا ما فرض عليهم، وهاهو أخير الطريق والحل ومن غير رسول الله يستطيع أن يصحح لنا ما أختلط علينا فهمه وعمله وتحليله.

من حسن حظي إن الموكب سوف يمر قريبا جدا من بيتي، ليس بيني وبينه سوى مسافة حوالي نصف كيلو متر أستطيع قطعها عدوا في عشر دقائق، الوقت يمر سريعا وعليا أن أسرع كي أشاهد هذا الموكب المهيب.

وجدت المشهد غريب عندما اقتربت من الوصول ، الجو هادئ جدا، لما يتبق على وصولي لمكان مرور الموكب سوى بضع خطوات، أبطأت خطواتي لألقي نظرة سريعة على المكان كي أتخذ أنسب مكان لمشاهدة الموكب، ولكن ما هذا، الجو هادئ على غير المتوقع تماما، صحيح أن الطريق مهيأ للإستقبال الموكب، ولكن ليس هناك من أحد سواي في الإنتظار، هل هذا معقول؟ رغم انتشار الخبر والكل مدرك أهمية الحدث إلا إنه ليس هناك أحد في الإنتظار، وأنا وحدي أقف في الميدان في انتظار الموكب، شئ غريب.

لم تمضي سوق دقائق حتى علمت إني لم أدرك الموكب في ميعاده، لم يمر على مرور الموكب سوى لحظات قليلة، للأسف لم ألحق به في الوقت المناسب، وفاتني مشهد في الغالب لن أشاهده مرة أخرى في حياتي، فرصة أخرى تضيع مني، وكأني كتب علي إضاعة كل الفرص المتاحة لتصحيح الأوضاع والأخطاء.

ولكن ما هدئ قليلا من روعي هو إدراكي إن الرسول سوف يذهب لمكان ما ويفكر في حال الأمة ويبدأ في أخذ التدابير والخطوات اللازمة لتصحيح ما اختلط علينا فهمه، وإرشادنا إلى الطريق الصواب، ورفع الظلم عنا واستعادة مجد الأمة المفقود من سنين، والآن علي أن أرتاح وأزيح عن بالي عبئ محاولة إرشاد الناس لما كنت أظنه أنه صواب والإستعداد لعمل من نوع آخر، عمل تحت قيادة رسول الله وبأوامره المباشرة، ليس هناك مساحة للتحقق من صحة حديث أو تفسير آية، ما علينا سوى تنفيذ ما يمليه علينا رسول الله من أوامر.

ولحد هنا والحلم خلص

نعم، كما هو واضح دة كان مجرد حلم أنعم الله به علي من يومين تقريبا، ولكنه في واقع الأمر كان بيجسد رغبه ملحة في وجود الرسول الكريم بيننا ليرشدنا إلى طريق الصواب، في ظل تخبط الآراء والكلام والإتجاهات، وكلها منسوبة إلى الإسلام، الوحيد القادر على تصحيح اتجاهاتنا وتوحيدها والدفاع عنا وعن الإسلام هو الرسول الكريم.

ولكن للأسف هذا لن يحدث، قدر علينا اتخاذ القرارات وتحمل تبعاتها، والتعايش مع أمة المسلمين وهم في ضعف وتخاذل وهوان، ليس هناك مخرج، علينا التعايش مع الوضع بحثا عن مخرج، ومحاولة التحقق والتدقيق في الإختيارات المتاحة والإجتهاد قدر الإمكان ومحاولة تجنب الضلال والتضليل وسوء الإختيار والتقدير.

ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا

الاثنين، 5 يوليو 2010

Days of Glory



غريبة هي العلاقة بين بلد مستعمر زي فرنسا وبلد مستعمرة زي الجزائر، لا أعلم على وجه التحديد ما هي المشاعر التي يكنها الجزائريين للفرنسين حاليا، ولكن لاشك إنها علاقة من نوع خاص، يسيطر عليها التعاون الثقافي والتجاري بنسبة كبيرة، بجانب تواجد جالية جزائرية كبيرة في فرنسا وهي تمثل نسبة مميزة وليها تأثير على الإنتخابات في المجتمع الفرنسي.

لذلك من الطبيعي أن نشاهد تواجد جزائري بنفس النسبة في الأفلام الفرنسية، كثيرة هي الأفلام التي تتعرض بصورة أو بأخرى للجالية الجزائرية والمغربية في أفلامها، بالطبع تكون القضية الأساسية في الفيلم عن مشاكل خاصة بالمجتمع الفرنسي وما يمثله الجانب الجزائري من تأثير بإيجابياته وسلبياته.

يمكن هو دة انطباعي عند بداية مشاهدة الفيلم، فالفيلم يتحدث عن فرنسا في الحرب العالمية الثانية من خلال إرسال شباب من الجزائر لتحرير فرنسا من الإستعمار الألماني، لذلك فنحن أمام فيلما فرنسيا يتحدث عن دور الشباب العربي في تحرير فرنسا.

ولكن شيئا فشيئا بدأت تتضح معالم الفيلم أكثر، الفيلم ليس به بطولة فرنسية، فهو بطولة جماعية لأربعة من نجوم السينما الجزائرية، ومعظم الحوار باللهجة الجزائرية، اللغة الفرنسية موجودة فقط في الحوارات القليلة التي يكون طرفها أحد الظباط الفرنسيين، ومعظم أحداث الفيلم تتكلم عن الجانب الجزائري ومعاناته وأسلوب حياته.

الفيلم يركز بصورة كبيرة على الأبطال الأربعة وعلى هويتهم العربية والإسلامية، وعلى وفاءهم وجهودهم وتفانيهم في تحرير فرنسا بعد أن تلقوا وعدا بالإنسحاب من الجزائر بعد تحرير فرنسا، فهم يحاربون من أجل الحرية في المقام الأول، حتى و إن كان عن طريق مساندة المستعمر وقت الشدة.

يظهر التركيز على الهوية العربية الإسلامية في مشهد أكثر من رائع بين أحد البطلين بعد أن هم أحدهم بالإستيلاء على النقود الموجودة في أحد الكنائس بعد تحرير المدينة، فما كان من أخوه إلا أن نهاه عن مس هذه النقود، وأقنعه بأن يترك النقود مكانها لحرمتها وقدسيتها عند أهلها، وبالفعل انصاع الأخ لرأي أخاه وترك النقود رغم أنه ذكره بالمذابح التي ارتكبت في ديارهم من نفس المستعمر الذين هم يحافظون على ماله.

لم يقتصر وفائهم وأخلاقهم على حفظ المال وفقط، ولكنهم حفظوا الفرنسيين في أرضهم وعرضهم وذلك في مشهد يظهر في الأبطال الأربعة وهم يقومون بحراسة قرية بما فيها من نساء وشيوخ وأطفال. وفي تأكيد آخر على أن تصرفاتهم وأخلاقهم نابعة من الهوية الإسلامية للأبطال الأربعة وليس العربية فقط، هو مشهد الصلاة جامعة في معسكر القتال.

في النهاية اتضح أن الفيلم جزائري، صحيح إنه انتاج جزائري مغربي فرنسي، ولكن القضية والهوية واللهجة بجانب الأبطال والمخرج وصوت الشاب خالد، كلها عناصر جزائرية تجمعت لطرح قضية دور جنود شمال أفريقيا الذين ساهمو في تحرير فرنسا ولكنهم وللأسف الشديد لم يتم الوفاء بالوعود لهم، كما لم ينالو حقهم من معاش وامتيازات أو ترقيات إلى يومنا هذا، ومن منهم على قيد الحياة حتى اليوم لا يجد قوت يومه رغم دورهم البارز في تحرير فرنسا، بل حتى لم يجدو أي تقدير ولو معنوي على تضحياتهم في الحرب

يقال إن زوجة شيراك بعد مشاهدة الفيلم بكت وسألت زوجها أن يفعل لهم شيئا.

الفيلم أنتاج فرنسي جزائري مغربي
بطولة: جمال ديبوز وسامي ناصري ورشدي زم وسامي بو عجيلة
بلغت تكلفته 14 مليون يورو وشارك فيه أكثر من 500 كومبارس
الفيلم رشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبي
الفيلم فاز بجائزة أحسن بطولة جماعية بمهرجان كان.

الفيلم أكثر من رائع، وبما إن الجزائر لديها القدرة على إنجاز مثل هذا الفيلم، فياريت نكون عندنا نفس القدرة في إنتاج أفلام مماثلة تتحدث عن ماضينا ومشاكلنا وبطولاتنا، بالتأكيد هناك الكثير ليقال عن مصر.




روابط تنزيل الفيلم

http://rapidshare.com/files/353016102/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part1.rar
http://rapidshare.com/files/353019774/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part2.rar
http://rapidshare.com/files/353023567/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part3.rar
http://rapidshare.com/files/353027215/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part4.rar
http://rapidshare.com/files/353030556/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part5.rar
http://rapidshare.com/files/353033925/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part6.rar
http://rapidshare.com/files/353037217/Days.Of.Glory.2006.DvDrip.XviD.EngHardSub-JunKee.part7.rar

password: sharemunky.com

الاثنين، 14 يونيو 2010

قتـــــــل



ما الذي توحي به بالونة؟

.. طفل فرحان؟

.. يوم عيد؟

.. طقس احتفالي؟

.. لكن هذه البالونة بدت شيئا آخر..

بالونة كبيرة منفلتة بخيطها. بالونة مهجورة من يد طفل أُخذ على عجل، أُخذ برعب لا يفهمه. بالونة مكثت أياما طويلة هائمة على طريق تشيرنوبيل..

لم تنفجر بفعل شمس الصيف الحارة.. لم تطأها – لسبب غير مفهوم – أي من إطارات وجنازير المركبات التي مكثت تدب بغير حصر ذاهبة إلى مركز الكارثة أو عائدة منه.

لم يمسك بها سائق أو راكب لسبب أن النوفذ لم يكن مسموحا بفتحها في هذه البقعة المثقلة بالإشعاع.

بالونة غريبة صارت من معالم الطريق.. تتحرك بين المركبات، يحملها هواؤها قريبا من الأرض، ويطوَح بها بطيئا هواء الدنيا كأنها تترنح.

بالونة صارت مؤملة غاية الإيلام لكل من يراها، ومتأبية على الإنفجار كأنها تصر على اعتصار القلوب المحزونة..
روح هائمة بعذاب يعذب من يراها.. عذاب،

لعله كان المبرر لأن يجن أحدهم مرتين في آن واحد.. فقد فتح نافذة السيارة، وأطرق على البالونة النار !

محمد المخزنجي
لحظات غرق جزيرة الحوت

السبت، 29 مايو 2010

كابوريا وأهمية النقد الفني




لو حبيت أدور على فيلم فيه تباين واضح بين المظهر الخارجي للفيلم وعمق المعنى مش هلاقي أحسن من كابوريا، أفتكر إني شاهدته أول ما نزل السينما، خيري بشارة كان النجم الأول بالنسبة لي والأمل في نفس الوقت في مشاهدة سينما جميلة جديدة خصوصا بعد فيلم يوم مر ويوم حلو.

بداية الفيلم ماكنتش مشجعة إطلاقا، وبعد صبر طويل حتى انتهاءالفيلم خرجت أسب وألعن الأفلام التجارية والمادة التي عبثت بعقول الفنانين حتى يخرجو علينا بمثل هذه العمل التافه السطحي، والكلام دة كان على لساني طول الوقت وخصوصا لما حد يسألني على الفيلم، بالرغم من إنه حقق نجاح غير متوقع عند عرضه.

رغم رأيي السلبي في الفيلم لكن دة لم يمنعني من متابعة رأي الناس فيه والنقاد خصوصا، من الطبيعي إن الواحد يبحث عن الآراء المشتركة حتى لا يكون قد تصرع في إصدار أحكام في غير محلها، ويمكن كمان بحثا على دليل فني يؤيد وجهة نظري في الفيلم.

بالصدفة قريت نقد لفيلم كابوريا في الأهرام، النقد بصراحة مسبش حاجة إلا وتناولها، بدءا من اسم الفيلم مرورا بأحداثه حتى نهايته، النقد كان فني وموضعي للدرجة إللي خلتني أعيد نظر في الفيلم وأقرر إني أشوفه مرة أخرى، وبعدها أصبح من الأفلام التي أحرص على مشاهدتها عند عرضها.

النقد كان فيه الكفاية من الدقة والبساطة الكفيلة بلفتت نظر المشاهد العادي لمعاني جميلة وعميقة في الفيلم، زي ما شفنا الفيلم بيتكلم عن الفروق الفظيعة بين الطبقة الغنية والفقيرة وبيركز على الفراغ والسطحية إللي عايشة فيها طبقة من الأغنياء جدا، ويلعب الفقراء والكادحين دور وسيلة الترفية والتسلية المفضلة لديهم، في ظل سعي غريب من الفقراء للعب هذا الدور عن طيب خاطر.

تحليل الناقد لإسم الفيلم كان وثيق الصلة بأحداثه، فالمعروف عن الكابوريا إنها تطفو بالقرب من سطح الماء عند الصباح، ووقتها يكون الصيادون في إنتظارها تكون صيدا سهلا في يتسلى به الأغنياء ويأذأذوه في المساء، ولإصطياد الكابوريا في المساء يخرج الصيادون بالقوارب ويسلطوا كشاف نور قوي على سطح الماء، تظن الكابوريا إن النهارد طلع، وتتجمع على مصدر النور ويكون هو دة الطعم لإصطياد الكابوريا، ودة نفس المشهد إللى أصطاد به الإغنياء هدهد ورفاقه، عندما كانو الأغنياء على ظهر العوامة، وهدهد بقارب صغير يسعى بعفوية لمصدر النور القوي.

الفيلم كان فيه من الفنيات اللي من الصعب أن تلمس أو تتفاعل مع المشاهد العادي، ولا بد من أن يقوم النقاد بدورهم الأساسي في مساعدة الفيلم في توصيل رسالته وفي نفس الوقت مساعدة المشاهد في فهم الفنيات والمعاني الصعبة.

بالتأكيد رأي الناقد هنا ليس مطلق، الفيلم لم ينل رضا واستحسان كثير من الناس والنقاد ولكن دون شك وجود الناقد في المكان الصح ليه عامل كبير و قوي في ثراء الحركة الفنية السينمائية – حلو الكلام الجامد دة -:) ، وحتى التليفزيونية كمان، طالما التزمو بتوصيل المعاني الخفية والقيم الفنية العالية بموضوعية، دون التمجيد لأفلام فلان، أو إهمال عمل معين لصالح عمل آخر، والمهازل إللي بنشوفها من النقاد في عدم نقد ممثل بعينه لإنه نجم الساحة أو فوق مستوى النقد.

أفتكر إن كان في مشهد في الفيلم كل ما ييجي لازم أشوفه، أحمد زكي كان قاعد مع حسين الإمام في مطعم، حسين الإمام مسك في إيده عشرة جنية، وكان الحوار
- لو معاك العشرة جنية دي هتعمل بيها أية؟؟
- أشتري بيها حاجات أكون محتاجها.
- يعنى لما تشتري بيها حاجة مش هتبقى معاك بعد كدة.
- لأ طبعا،
- أنا بقة كل ما أصرف عشرة جنية، ترجع تاني، وممكن ترجع مائة، ألف ، مليون.... وهي دي مشكلتي، تصدق أول مرة أول الكلمة دي مووووشششششكللتييييييييي موشكلتي

مشهد مميز جدا، ويستحق وقفة، وبالتأكيد من الصعب التركيز في مشهد زي دة من غير ما يكون في ضوء مسلط على فكرة الفيلم والمعنى من وراه.