الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

وما أشبه الليلة بالبارحة

اقترتبت ساعة الحسم، والكل على أهبة الإستعداد، وتزينت القاهرة لإستقبال الحدث الكبير، واستاد القاهرة في أبهى صورة، والكل مستعد للحدث واللقاء الكبير الذي يجمع منتخبين من أكبر منتخبات القارة وأصحاب إنجازات كبيرة على الصعيد القاري والعالمي، ولكن السؤال المهم، من يفوز باللقاء ويحظى بالتمثيل المشرف في كأس العالم، ذلك المقعد الذي يحلم به كل فريق وكل لاعب في العالم.

ياترى من ذا الذي سيحظى بهذا الشرف وهذه المكانة العالمية والتواجد ضمن كوكبة عظماء اللعبة على مستوى العالم ويكون مسموع الصوت والصورة وينال شرف تمثيل بلده خير تمثيل، من سيكون صاحب الحظ السعيد، هل سيكون المنتخب صاحب الخبرة الواسعة، والرصيد الكبير من الإنجازات وصاحب النتائج المشرفة والمبهرة على المستوى العالمي، أم سيكون المنتخب الذي تم تحديثه قريبا، وبعد التخلص من الحرس القديم وأصبح نصف اللاعبين دون الخامسة والعشرين، وبدون أي إنجازات أو بطولات وخبرات محدودة جدا على المستوى القاري ومعدومة على المستوى الدولي.

ليس من السهل إغفال عامل السن والخبرة، خبرة المباريات الدولية، والتعامل مع المواقف الصعبة، وسجل الأنجازات الحافل بكل شئ مشرف، وليس من السهل أيضا إغفال الشباب والطموح والحماس والسعي لتكرار إنجازات الأجيال السابقة وتحقيق تمثيل لا يمحى عبر السنين والأجيال القادمة.

ولكن لحظة من فضلك عزيزى القارئ، هل تعلم عن أي مبارة أتكلم؟؟ نعم إنها مبارة مصر والجزائر، ولكني أتكلم عن مبارة مصر والجزائر عام 89، فما أشبه اليلة بالبارحة، ولكن مع فارق بسيط، وهو إن البارحة كان المنتخب الذي يمثل الخبرة كان منتخب الجزائر، وما كان يحمله من أسماء رنانة شرفت بلدها وشرفت كل العرب بتمثيل ولا أروع بمنديال 82، وتمثيل دولي مشرف على مستوى الإندية كما فعل رابح ماجر مع فريق بورتو في نهائي كأس أوروبا وانتزاعه هدف ولا أجمل بالكعب في مبارة النهائي امام بايرن ميونخ، ليكون اللاعب العربي الوحيد الحائز على بطولة أوروبا للأندية، وما أعظمه إنجاز.

وكان قد سبق للجزائر تمثيل العرب في أسبانيا 82 خير تمثيل، وقدم مبارة هي الأعظم في تاريخ المشاركات العربية واستطاع هزيمة ألمانيا 2-1، وكان قوب قوسين أو أدنى من التأهل لولا اتفاق مسبق حدث بين النمسا والمانيا لإقصاء المنتخب الحزائري، وقد كان.

وعلى الجانب الآخر كان هناك المنتخب المصري والذي كان يغلب عليه طابع الشباب، فمعظم اللاعبين حديثي العهد بالمنتخب وبالمتثيل الدولي بعد اعتزال معظم اعضاء منتخب مصر الفائز بكأس افريقيا 86، لم يعد في المنتخب الخطيب، أو مصطفى عبده، أو على شحاتة، أو حمادة صدقي، أو ثابت البطل، ولكن كان هناك شباب طموح متحمس مثل حسام وإبراهيم حسن، أحمد رمزي، أحمد الكأس، هاني رمزي،…

النتيجة كانت عام 89 هو فوز منتخب الشباب برغم كوكبة الخبرة الجزائرية الأفضل في ذلك الوقت، ولكننا ندعو بالتوفيق لفريق الخبرة عام 2009 في أن يكون صاحب تذكرة المونديال، وإن لم يحدث لاقدر الله، سيكون لسان حال الأخوة الجزائرين، هذه بتلك.

يارب الفوز لمصر
حسن عثمان

الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

واثق الخطوة يمشي ملكاً

أغنية الأطلال لأم كلثوم، أغنية تألفها الأذن وتعشق موسيقاها القلب، لا أعرف سر إهتمامي في هذه اللحظة بالذات بالأغنية، فهي هناك دائما، موجودة بصورها المختلفة، ولا أعرف حتى الآن سر الإنسياق الغريب للماضي كلما سمعت هذه الأغنية، قد يكون هناك ارتباط ما ينتج نتيجة تكرار سماع مثل هذه الأغاني على مر السنين والأحداث، بالتأكيد يحدث إرتباط ما وتوثيق للأحداث بسماع الأغاني، قد يكون هذا التفسير هو ما دار بذهني وقتها، وتأكد هذا التفسير عندما سمعت أم كلثوم تشدو وتقول
واثق الخطوة يمشى ملكا.

في هذه اللحظة تحديدا وجدتني مسلوب الشعور بالزمن إراديا، أترك نفسي لأقرب ذكرى ترميني إليها الأغنية أسبح مشتاقا لحضن الماضي حيث الدفء والأمان، قد يكون السبب هو الشعور الدائم بالغربة في الحاضر والخوف من المستقبل، بينما الماضي هو جزء أنا أعرفه جيدا، لذلك ليس هناك أسهل من أن ألوذ به من وحشة الحاضر وقسوة الأمر الواقع.

واثق الخطوة يمشى ملكا، بالرغم من أن المعنى في الأغنية مختلف عن المعنى المرتبط بي ذهنيا، إلا أنه ذكرني كيف كانت أيامي في أول عمل لي، كان يوم صيف طويل، وكانت الساعة الخامسة هي ميعاد عمل الإذاعة الداخلية مع إذاعة أم كلثوم، وكانت هذه الوظيفة هي الأولى لي بعد الإنتهاء من الدراسة، رغم صدمات مع بعد الدراسة، وسوق العمل الصعب، إلا كان هناك متسع من الوقت للتفكير والحلم والحماس لتنفيذ الأفكار، و الإصرار على تحويل الأحلام إلى حقيقة، ولم لا، فهناك الوقت وهناك الحماس وهناك الشباب، كل ما هنالك هو محاولة استغلال الموارد من عمل ووقت لإيجاد مكان في هذا العالم الصعب المزدحم بالشباب الباحث عن مكان، الشحيح بالفرص الحقيقية، وهنا كان لابد من استحضار كل ما أملك من قوة وثقة وإيمان حتى أجد متنفسا أستطيع من خلاله النفاذ للعالم الفسيح، بعيدا عن حدود القدرات والمؤهلات الضيقة وخطوات الإنجاز البطيئة المحدودة، وأجد أم كلثوم تقول، واثق الخطوة يمشي ملكا، فأردد معها محاولا أن استمد من هذه الكلمات القليلة كل ما لدي من ثقة تعينني على التحديات والصعوبات.

وقتها بدأت أتذكر الماضي القريب، أيام الدراسة الجميلة والأحلام البريئة والطموحات الغير محدودة في مجتمع صغير بسيط يغلب عليه الألفة والأمان، و أسرة بسيطة تجاهد من أجل أولادها وسعادتهم، أسرة تجد متعتها في الجلوس سويا بعد انتهاء اليوم لإنهاء كل ضرورى والمساعدة في إنهاء الواجبات المدرسية، وبالطبع صوت أم كلثوم لا يختفي من المنزل مثل كل البيوت المصرية، ومرة أخرى أجد نفسي مسلوب الشعور بالزمن إراديا، أترك نفسي لأقرب ذكرى ترميني إليها الأغنية وأعود مشتاقا لحضن الماضي حيث الدفء و الأمان، قد يكون السبب هو الشعور الدائم بالغربة في الحاضر والخوف من المستقبل، بينما الماضي هو جزء أنا أعرفه جيدا، لذلك ليس هناك أسهل من أن ألوذ به من وحشة الحاضر وقسوة الأمر الواقع.

وهذه المرة كانت يوم من أيام الدراسة الإبتدائية، لوحة عائلية جميلة، الأم منهمكة في تجهيز ملابس المدرسة وكيها، والأب في المنزل بعد يوم عمل طويل، يجلس وأمامه كوب الشاي الدافئ وفي يده الجريدة اليومية يقرأها بتركيز شديد، وهاهي إذاعة أم كلثوم مرة أخرى، وكنا هذه المرة في بداية الخريف وقد بدء الظلام يحل، وأتذكرني مفترش الأرض، منهمكا في تجليد الكتب الدراسية كل حسب رغبة مدرس الفصل، وهناك شعور بالسعادة والدفء جميل يغمرني مع بداية العام الدراسي الجديد، وشوق وفضول لفحص ما تحويه هذه الكتب، وهناك السؤال التقليدي الذي يلح علي كل عام، ياترى هييجي اليوم إللي أخلص فيه الكتاب دة؟ ياترى أمتى اليوم إللي أكون فيه في ستة أبتدائي، وأكون مثل العمالقة حاملي الشهادة الإبتدائية وأدخل صفوف المرحلة الإعدادية، وعندما أحسسب بضيق الوقت المتاح بدأت الإسراع في العمل محاولا إنهاء ما بدأته من تجليد الكتب، لأن هناك كتب أختي الصغرى، وهناك بعض الواجبات المدرسية التي علي إنهائها قبل النوم، وفجأة وفي وسط هذا التركيز والحلم بالمستقبل أجد الموبيل يرن، فأمد يدي بصورة تلقائية ألتفطه وأرد لأستطلع من هناك

- ألو
* ألو
- حسن أنت كنت نايم ولا أية؟؟
* لأ أبدا أنا صاحي، مين معايا؟
- مين معاك أية يابني، شاكلك كنت نايم، أنا طارق
* أيوة مستر طارق، أنا صاحي أهو
- مشتفش لية يابني الموقع زي ماقلتلك الناس عمالة تزن عليا ولسة الصفحة مش أونلاين.
* الموقع!! آه، طيب هشوفها حالا.
- بسرعة يا حسن لحسن إحنا متأخرين قوي

وانهي المحادثة لأجدني في الحجرة ممسك بريموت الدش في يدي، والأخرى بها الموبيل، والأطلال قاربت على الإنتهاء، أنظر لأم كلثوم وأسترجع سريعا ما مررت به من أحداث كنت فيها غائبا عن الإدراك إراديا في مرحلة خارج الوعي والزمن، أودع أم كلثوم بابتسامة خفيفة ثم أتجه إلى الغرفة محاولا العودة إلى حياتي ومواكبة ما استجد من أحداث في العمل، ومتسائلا :
ياترى متى سيكون لقاءنا القادم؟؟ وياترى كيف سيكون الحال وقتها؟؟

حسن عثمان
أكتوبر 2009