الاثنين، 20 سبتمبر 2010

عبقرية الوصف

اللقاءات الغير متوقعة وإللي بتكون بطلتها الصدفة بتمثل أحيانا عامل سعادة للإنسان وساعات كتير بتمثل نقطة محورية بالنسبة لية، وخصوصا لما تكون اللقاءات دي مع شخص تجمعك بيه نفس الإهتمامات والميول والهوايات وقد تصل لمستوى التطابق في أحيان كثيرة.

يمكن دي هي الصدفة السعيدة إللي جمعتني بشخص كنت أول مرة أشوفه، وعرفوني بيه كدكتور في الجامعة اسمه أحمد، والطريق للبيت كان هو المشوار إللي اتعرفنا فيه على بعض أكتر، وأدركت بعدها إني قابلت شخص من أغرب الشخصيات إللي قابلتها في حياتي.

في الأحوال العادية بكون حريص جدا في التعامل مع أشخاص بقابلهم لأول مرة، وبصراحة المشوار دة كان تقيل قوي على قلبي، الخطة اتخلبطت، كان المفروض أقضي زيارة سريعة وبعدين أكمل طريقي للمنزل، ولكن صادف إني قابلت الدكتور أحمد في هذه الزيارة وصادف أيضا إن طريقنا واحد، وإبتدينا المشوار وطبعا في الأحوال إللي زي دي الواحد بيكون مضطر لفتح حوارات وأحاديث كنوع من قتل الملل وإذابة لوح جليد بيكون موجود بين اتنين أول مرة يتقابلو وبيجمعهم مشوار واحد ومفيش أي مواضيع مشتركة، أو هكذا هيئ لي.

أول ما نزلنا الشارع الدكتور أحمد مأخدش وقت كتير علشان يبتدي معايا في الكلام، ومن المواضيع إللي في الغالب بتجد إهتمام مشترك بين الشباب هو الكلام عن الكورة، في بداية حديثه كان الكلام عن الدوري الإنجليزي، واتكلم وأسهب في الحديث عن المان والأرسنال والسير والكلام دة، بصراحة أنا مش متابع الدوري الإنجليزي ومعرفش عنه كتير، هو طبعا لاحظ كدة لما مالاقاش مني رد، فقام بادر بالسؤال المباشر:
أمال انت متابع دوري أية غير المصري؟ ولا مالكش في الكورة خالص؟
لأ إزاي متابع طبعا، بس بتابع دوري ألماني.

كنت فاكر إن إجابتي دي كفيلة بتغير دفة الحديث عن الدوري الأوربي إلى أي اتجاه آخر، حيث إن المتابعين للدوري الألماني هم قلة، ولكن اللي حصل غير كدة، زي ما يكون حنفية معلومات واتفتحت، أستغربت جدا غزارة المعلومات إللي عنده عن الدوري الألماني، والأغرب كمان هو نطقه المميز لأسامي الأندية واللعيبة، وعرفت بعد كدة إنه قضى بعد الوقت في المانيا كمنحة دراسية.

بصراحة ذهلت من كمية المعلومات إللي عنده، ومش معلومات وبس، المذهل كمان هو تشابه بل تطابق الإنطباعات والآراء والملحوظات إللي كنت بطلع بيها بعد كل ماتش، زي ما نكون كنا بنتفرج سوا على المبارايات، وهنا طبعا اتحولت، بقيت شخص تاني، الكلمة مني بيكملها هو بكلمتين من عنده، بل يزيد عني كثير من المعلومات بحكم قضاءه فترة في المانيا، فهو ملم بدرجة كبيرة بتنقلات اللاعبين وأصولهم وأخبارهم، وأثناء كلامنا لم نترك حدث حصل في السنوات الأخيرة في الدوري الألماني إلا وكان محور لحديثنا بصورة أو بأخرى، وبالطبع كان هناك الكثير ليقال عن البطولات إللي حازتها الأندية سواء عن استحقاق أو عن حظ، وعن الفرق الأخرى التي خسرت بطولات قبل أمتار كثيرة من نهايتها لسوء حظ، كل دة اتكلمنا فيه.

وقتها ماحستش أبدا بطول الطريق، ولا أنا فاكر أحنا ركبنا أية ولا فاضل إد أية على الوصول، وخلصنا الدوري الألماني دخلنا في المصري، وكان متابع بنفس الدرجة وعجبني بل أذهلني قدرته على تخزين أدق التفاصيل والقدرة على الوصف بأدق التفاصيل.

ولأنه مقارب لي في السن فكان من الطبيعي إنه يكون فاكر الفريق الذهبي لكرة اليد، لقيته فاكرهم وعارفهم وواحد واحد، من أشرف عواض، سامح عبد الوارث، أحمد العطار، جوهر نبيل، أحمد دعبس وبقيت الكوكبة الذهبية في كرة اليد.

للأسف الوقت مر كالبرق، رغم إن المشوار دة يعتبر يومي بالنسبة ليا، لكن المرة دي كانت أكتر مرة ماحستش أبدا بطول المسافة، لكن وصولنا لنقطة الوصول كانت هي النهاية لهذا الحديث الشيق، هو لازم ياخد المترو، وأنا هكمل على طول لرمسيس، بصراحة من كتر ما الحديث شيق، وكمان من باب استغلال الفرصة في تبادل المعلومات والحديث عن الكورة في فرصة قد لا تتكرر كثيرا نزلت معاه وحبيت أوصله لغاية المترو على أمل استغلال هذه الدقائق البسيطة في استكمال ما بدأناه من أحاديث، وفعلا كانت فرصة في زيادة المعلومات بالنسبة ليا والإستمتاع بأسلوبه الشيق.

دقائق قليلة والمترو جه، ولا أبالغ إذا قلت إني كنت عايز أوصله لغاية البيت كمان، بس المرة دي مش رغبة في تبادل المعلومات والحوار وبس، المرة دي علشان كان عندي شك إنه هيقدر يوصل منزله بسهوله، فهو يحتاج مساعدة في تنقلاته، الدكتور أحمد كفيف.

إذا كان كلامي يحمل إنبهار وإعجاب فهو دة مصدره، نعم الدكتور أحمد كفيف، لا يستطيع أن يعبر الشارع بمفرده، يحتاج للمساعدة في التنقل من مكان لآخر، بل من غرفة لأخرى في حالة وجوده في مكان غريب، ومع ذلك أبهرني بكم المعلومات المتوفرة لديه، أعجزتني قدرته على المتابعة وتوصيل المعلومة.

مش صعب على أي حد يشوفه يدرك إعاقته، حركات رأسه، طريقة كلامه، ملابسه الغير مهندمة، تأبطه في يدي، كل دي كانت علامات توضح الإعاقة بسهولة، في المشوار دة ركبنا مواصلتين، وفي المواصلتين مابطلناش كلام، وتلقائيا كان كلامي معاه، "شفت الماتش الفلاني؟ شفت اللعيب الفلاني عمل أية" كنت باستخدم كلمة "شفت" دي وكأني باتكلم مع واحد شاف الأحداث بعينه، وكل مرة بلاقي الناس تبص لي من تحت لتحت فيها نظرة غضب على حمقي وسذاجتي، هم طبعا معذورين ومش متخيلين إنه بيشوف أحسن منهم كمان.

المبهر في الموضوع وإللي خلاني متأثر جدا هو قدرته على الوصف، كل إللي فات كوم وقدرته على الوصف دي كوم تاني خالص، كان بيتكلم عن مباريات في الدوري الألماني وكان بيشرح هجمات وإجوان وكأنه شافها بام رأسه، طريقة كلامه وإنفعاله وحماسه بيقول إنه مش حافظ الكلام، لأ دة حاسس الكلام وبيحاول يوصله، إذا كان معنى كلمة "تحدي الإعاقة" لسة ماكنش واصل ليا وقتها، الوقتي قدرت أفهم يعني أية تحدي الإعاقة، يعني تتكلم وتتعامل مع شخص ماتحسش لحظة إنه معوق، عنده من التحدي والعزيمة والقوة للتعامل مع الإعاقة كإنها ليست موجودة.

وصفه كان دقيق جدا وأمتعني حماسه في الكلام عن الكورة، وبصراحة ماكنتش أتخيل إني في يوم من الأيام ممكن أشوف بعين إنسان كفيف، وبصراحة وقتها وبعد ما شفت قدامي إنسان بالقدرات دي، فعلا فعلا زعلت قوي من نفسي.

الجمعة، 3 سبتمبر 2010

موكب الرسول

لم أصدق نفسي عندما سمعت الخبر، هل هذا صحيح، هل هناك موكب للرسول سوف يمر قريب من هنا، وهل سيكون لي شرف مشاهدة هذا الموكب؟ كيف ؟ وما شكل هذا الموكب؟؟

رغم الأسئلة الكثيرة التي تدور في ذهني عن شكل الموكب ونحن في القرن الواحد والعشرون، ولكن فرحتي الكبرى بوجود رسول الله بيننا هذه الأيام ونحن في أشد الحاجة إليه عليه الصلاة والسلام كانت أكبر من أي شئ، على العموم ليس هناك وقت للتساؤل وحان وقت العمل.

نحن نعيش في وقت عصيب، أشتد بالناس الفقر، وعلى صوت الظلم، و الناس الأبرياء يموتون من فقر ومرض، ولا أحد يعرف أين الطريق، أختلطت على الناس السبل، وتعددت الآراء والإتجاهات، ضل الناس سعيهم و ونسوا ما فرض عليهم، وهاهو أخير الطريق والحل ومن غير رسول الله يستطيع أن يصحح لنا ما أختلط علينا فهمه وعمله وتحليله.

من حسن حظي إن الموكب سوف يمر قريبا جدا من بيتي، ليس بيني وبينه سوى مسافة حوالي نصف كيلو متر أستطيع قطعها عدوا في عشر دقائق، الوقت يمر سريعا وعليا أن أسرع كي أشاهد هذا الموكب المهيب.

وجدت المشهد غريب عندما اقتربت من الوصول ، الجو هادئ جدا، لما يتبق على وصولي لمكان مرور الموكب سوى بضع خطوات، أبطأت خطواتي لألقي نظرة سريعة على المكان كي أتخذ أنسب مكان لمشاهدة الموكب، ولكن ما هذا، الجو هادئ على غير المتوقع تماما، صحيح أن الطريق مهيأ للإستقبال الموكب، ولكن ليس هناك من أحد سواي في الإنتظار، هل هذا معقول؟ رغم انتشار الخبر والكل مدرك أهمية الحدث إلا إنه ليس هناك أحد في الإنتظار، وأنا وحدي أقف في الميدان في انتظار الموكب، شئ غريب.

لم تمضي سوق دقائق حتى علمت إني لم أدرك الموكب في ميعاده، لم يمر على مرور الموكب سوى لحظات قليلة، للأسف لم ألحق به في الوقت المناسب، وفاتني مشهد في الغالب لن أشاهده مرة أخرى في حياتي، فرصة أخرى تضيع مني، وكأني كتب علي إضاعة كل الفرص المتاحة لتصحيح الأوضاع والأخطاء.

ولكن ما هدئ قليلا من روعي هو إدراكي إن الرسول سوف يذهب لمكان ما ويفكر في حال الأمة ويبدأ في أخذ التدابير والخطوات اللازمة لتصحيح ما اختلط علينا فهمه، وإرشادنا إلى الطريق الصواب، ورفع الظلم عنا واستعادة مجد الأمة المفقود من سنين، والآن علي أن أرتاح وأزيح عن بالي عبئ محاولة إرشاد الناس لما كنت أظنه أنه صواب والإستعداد لعمل من نوع آخر، عمل تحت قيادة رسول الله وبأوامره المباشرة، ليس هناك مساحة للتحقق من صحة حديث أو تفسير آية، ما علينا سوى تنفيذ ما يمليه علينا رسول الله من أوامر.

ولحد هنا والحلم خلص

نعم، كما هو واضح دة كان مجرد حلم أنعم الله به علي من يومين تقريبا، ولكنه في واقع الأمر كان بيجسد رغبه ملحة في وجود الرسول الكريم بيننا ليرشدنا إلى طريق الصواب، في ظل تخبط الآراء والكلام والإتجاهات، وكلها منسوبة إلى الإسلام، الوحيد القادر على تصحيح اتجاهاتنا وتوحيدها والدفاع عنا وعن الإسلام هو الرسول الكريم.

ولكن للأسف هذا لن يحدث، قدر علينا اتخاذ القرارات وتحمل تبعاتها، والتعايش مع أمة المسلمين وهم في ضعف وتخاذل وهوان، ليس هناك مخرج، علينا التعايش مع الوضع بحثا عن مخرج، ومحاولة التحقق والتدقيق في الإختيارات المتاحة والإجتهاد قدر الإمكان ومحاولة تجنب الضلال والتضليل وسوء الإختيار والتقدير.

ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا