السبت، 1 مايو 2010

نظـــرة إمتنــــان

في أحدى مراكز العناية بذوي الإحتياجات الخاصة كان مطلوب مني توفير برامج وألعاب بسيطة لتنمية المهارة عند ذوي الإحتياجات الخاصة، وبالفعل ابتديت أدور على برامج بسيطة تكون مفيدة وفي نفس الوقت مسلية، وبالطبع كان لازم أكون متواجد في الجلسات لشرح اللعبة ومساعدتهم وقت اللزوم، يمكن دي أول مرة أتعامل فيها مباشرة مع حد من ذوي الإحتياجات، وبالطبع شئ غريب جدا بالنسبة لي لما أشوفهم وهم على مشارف سن الشباب، ولكن لازم أتعامل معاهم كتعاملي مع الأطفال علشان أكسب ثقتهم و أتواصل معاهم.

عددهم في الجلسة كان حوالي 10 لكن كل مرة كان في واحد دايما بيلفت نظري، في على وشه ابتسامة غريبة قوي، الإبتسامة مش بتفارق وشه أبدا، موجودة في جميع الظروف والأوقات، هو لسانه تقيل شوية في الكلام، بس مش صعب إنك تقدر تفهم هو بيقول أية

- أنا اسمي محمد

هي دي أول كلمة قالها ويمكن حتى من غير ما اسأله، هو بادر بتعريف نفسه على طول لما كنت بظبط حاجة على الجهاز إللي هو بيستعمله، لاحظت إن في كل مرة أكون بظبط حاجة أو أشرحله حاجة على الجهاز، أبص ألاقيه باصص ناحيتي، مش بيوجه نظره ناحية الشاشة أبدا، باصص ناحيتي على طول وزي ما يكون عنده كلام كتير عايز يقوله، شاكله مبسوط ومتونس بوجودنا حواليه ومش شايف ومش عايز يشوف حاجة تانية خالص غيرنا، وبصراحة أنا كمان بحب أشوف ابتسامته دي قوي، حاجة كدة مش قادر أوصفها، ولكن ليها تأثير نفسي غريب عليا، حاولت أفسر الإبتسامة دي أو أصنفها، بس مش قادر ألاقي تصنيف ليها يتناسب معاه كشخص من ذوي الإحتياجات، هل هي نظرة ود، إحترام، تقدير.... إمتنان

نظرة إمتنان، فعلا، أعتقد هي دي الكلمة المناسبة، يمكن هي ابتسامة بسيطة ولكنها تعبر عن معنى واحد يطول تفسيره، الإمتنان، زي ما يكون فرحان إن في ناس مهتمة بيه وجاياله، يمكن يكون حاسس بنفسه وبتأخره عن الناس العادية وفرحان بوجودنا حواليه ومساعدته، زي ما يكون بيقولي: يعني أنت سايب شغلك وجايلي، يعني أنت سايب التزاماتك وحياتك وجي تقعد معايا، يمكن يكون شايف فينا القوة إللي مفتقدها، أو السند إللي محتاجه، العقل إللي بيوجهه، متوسم فينا كل حاجة هو اتحرم منها، فاكر إن هو محتاجلنا وإحنا هنقدر نساعده، ميعرفش إن إحنا إللي محتاجنله قوي يمكن أكتر ما هو محتاجلنا كمان.

فعلا انا متأثر بالتعامل مع الناس دول، وكمان تأثري زاد لما كنت واقف مرة جانبه بشرحله حاجة على الجهاز، حسيت بيه عايز يقول حاجة زي كل مرة، ودي من المرات القليلة إللي قربت فيها من واحد منهم، وبالطبع بكون حريص جدا في التعامل معاهم تحسبا لرد فعل مكنش متوقعها ويكون من الصعب السيطرة عليه، وفعلا حسيت بأيده شوية بترتفع وعايز يحطها على كتفي، بصراحة أنا خفت لوهله، بس لقيته بكل حنية بيمسح على كتفي وبيقول:
- أنا بحبك
الكلمة هزتني قوي، وفعلا اتأثرت بيها جد، بس تمالكت نفسي وقدرت أرد عليه:
- وأنا كمان بحبك يا محمد، انت انسان جميل
- الله يخليك

وانتهى الحوار القصير الملئ بشعور حب صافي دون أي مصلحة أو زيف أو نفاق، وانتهت الجلسة وهم محمد بالإنصراف، وقام بظهره المحني قليلا ليلتقط كراسة وقلمه ويضمهم بعناية تحت ذراعه ويهم بالإنصراف وتركني أفكر كثيرا في هذه الجلسة، وطبعا لم تفارق مخيلتي ابتسامته الجميلة، ابتسامة لا يساويها عندي ابتسامة فتاة من أجمل فتايات الأرض، وليس هناك أصلا وجه للمقارنة، فتلك ابتسامة ليست من أهل الأرض، ابتسامة ملائكية، ولن أكون مبالغا إذا وصفتها بأنها من الجنة، هي بالفعل ابتسامة من الجنة.

نسيت أعرفكم بصديقي
صديقي اسمه محمد
من ذوي الإحتياجات الخصة
المكان جميعة رسالة فرع مدينة نصر

هناك تعليقان (2):

  1. ياه
    أثرت فيا قوى .... فعلاً ذوى الاحتياجات الخاصة من الفئات اللى لسه المجتمع العربى عموما و المصرى خصوصاً مش علرف يديها حقها الانسانى و المعنوى بكل أسف

    دمت بود

    ردحذف
  2. كلامك حقيقي للأسف، متتصوريش الناس دول محتاجين مساعدتنا أد أية، دة لسة في المكفوفين والصم والبكم، والمعوقين، عالم كبير قوي، ربنا يقوي القائمين على المشاريع دي، الجزاء من عند ربنا أكبر من أي كلام تاني.

    شكرا لتعليقك، وتقبلي تحياتي

    ردحذف